منتديات اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات اسلام ويب

معنا نحو جيل مسلم ... معا غلى الطريق الى الله
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مجدى سالم
مدير
مدير



الوصف : مدير منتديات اسلام ويب
عدد المساهمات : 288
تاريخ التسجيل : 23/01/2010

مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى Empty
مُساهمةموضوع: مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى   مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى Emptyالأحد يونيو 20, 2010 4:45 pm




"
فإذا
جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا
من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون
" .

فتقدم إليه بأمر العظيم العالي أنه إذا جاء أمره وحل بأسه ، أن
يحمل في هذه السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات ، وسائر ما فيه روح من
المأكولات وغيرها لبقاء نسلها ، وإن يحمل معه أهله ، أي أهل بيته ، إلا من سبق عليه
القول منهم ، أي إلا من كان كافراً فإنه قد نفذت فيه الدعوة التي لا ترد ، ووجب
عليه حلول البأس الذي لا يرد ، وأمر أنه لا يراجعه فيهم إذا حل بهم ما يعاينه من
العذاب العظيم ، الذي قد حتمه عليهم الفعال لما يريد . كما قدمنا بيانه
قبل
.

والمراد بالتنور عند الجمهور وجه الأرض ، أي نبعت الأرض من سائر
أرجائها حتى نبعت التنانير التي هي محال النار ، وعن ابن عباس التنور عين في الهند
، وعن الشعبي ، بالكوفة وعن قتادة : بالجزيرة
.

وقال علي بن أبي طالب : المراد بالتنور فلق الصبح وتنوير الفجر
، أي إشراقة وضياؤه أي عند ذلك فاحمل فيها من كل زوجين اثنين ، وهذا قول
غريب
.

وقوله تعالى : " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها
من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل " هذا
أمر بأنه عند حلول النقمة بهم أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين
.

وفي كتاب أهل الكتاب : أنه أمر أن يحمل كل ما يؤكل سبعة أزواج ،
ومالا يؤكل زوجين : ذكر وأنثى
.

وهذا مغاير لمفهوم قوله تعالى في كتابنا الحق : " اثنين " إن
جعلنا ذلك مفعولاً به ، وأما إن جعلناه توكيداً لزوجين والمفعول به محذوف فلا ينافي
. . والله أعلم
.

وذكر بعضهم - ويروى عن ابن عباس : أن أول ما دخل من الطيور
الدرة وآخر ما دخل من الحيوانات الحمار ، ودخل إبليس متعلقاً بذنب
الحمار
.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدالله بن صالح ، حدثني
الليث ، حدثني هشام ابن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : " لما حمل نوح السفينة من كل زوجين اثنين ، قال أصحابه ، وكيف
نطمئن ؟ - أي كيف تطمئن المواشي ومعنا الأسد ؟ - فسلط الله عليه الحمى ، فكانت أول
حمى نزلت في الأرض . ثم شكوا الفأرة ، فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا
. فأوحى الله إلى الأسد فعطس ، فخرجت الهرة منه فتخبأت الفارة منها
" .

هذا مرسل .

وقوله : " وأهلك إلا من سبق عليه القول " أي من استجيبت فيهم
الدعوة النافذة ممن كفر ، فكان منهم ابنه
يام الذي غرق كما سيأتي
بيانه
.

"
ومن
آمن " أي واحمل فيها من آمن بك من أمتك . قال الله تعالى : "
وما آمن معه إلا قليل " هذا مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ، ودعوتهم الأكيدة
ليلاً ونهاراً بضروب المقال وفنون المتطلفات والتهديد والوعيد تارة والترغيب والوعد
أخرى
.

وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في
السفينة
.

فعن ابن عباس : كانوا ثمانين نفساً معهم نساؤهم ، وعن كعب
الأحبار : كانوا اثنين وسبعين نفساً . وقيل كانوا عشرة
.

وقيل إنما كانوا نوحاً وبينه الثلاثة وكنائنه الأربع
بامرأة يام الذي انخزل وانعزل ، وسلك عن طريق النجاة فما
عدل إذ عدل
.

وهذا القول فيه مخالف لظاهر الآية ، بل هي نص في أنه قد ركب معه
من غير أهله طائفة ممن آمن به ، كما قال : " ونجني ومن معي من المؤمنين " وقيل
كانوا سبعة
.

وأما امرأة نوح وهي أم أولاده كلهم : وهم حام ، وسام ، ويافث ،
ويام ، ويسميه أهل الكتاب كنعان وهو الذي قد غرق ، و عابر
فقد ماتت قبل الطوفان ، وقيل إنها غرقت مع من غرق ، وكانت ممن سبق عليه
القول لكفرها
.

وعند أهل الكتاب أنها كانت في السفينة ، فيحتمل أنها كفرت بعد
ذلك ، أو أنها أنظرت ليوم القيامة ، والظاهر الأول لقوله : " لا تذر على الأرض من
الكافرين ديارا
" .

قال الله تعالى : " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل
الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير
المنزلين
" .

أمره أن يحمد ربه على ما سخر له من هذه السفينة ، فنجاه بها
وفتح بينه وبين قومه ، وأقر عينه ممن خالفه وكذبه ، كما قال تعالى : " والذي خلق
الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا
نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين *
وإنا إلى ربنا لمنقلبون
" .

وهكذا يؤمر بالدعاء في ابتداء الأمر : أن يكون على الخير
والبركة ، وأن تكون عاقبتها محمودة ، كما قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حين
هاجر : " وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا
نصيرا
" .

وقد امتثل نوح عليه السلام هذه الوصية وقال : " اركبوا فيها بسم
الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم " أي على أسم الله ابتداء سيرها ونتهاؤه "
إن ربي لغفور رحيم " أي وذو عقاب أليم ، مع كونه غفوراً رحيماً ، لا يرد بأسه عن
القوم المجرمين ، كما أحل بأهل الأرض الذين كفروا به وعبدوا غيره
.

قال الله تعالى : " وهي تجري بهم في موج كالجبال " وذلك أن الله
تعالى أرسل من السماء مطراً لم تعهده الأرض قبله ولا تمطره بعده ، كان كأفواه القرب
، وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها وسائر أرجائها كما قال تعالى : " فدعا ربه أني
مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء
على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر " والدسر المسامير " تجري بأعيننا "
أي بحفظنا وكلاءتنا وحراستنا ومشاهدتنا لها " جزاء لمن كان كفر
" .

وقد ذكر ابن جرير وغيره : أن الطوفان كان في ثالث عشر من شهر آب
في حساب القبط
.

وقال تعالى : " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " أي
السفينة " لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية
" .

قال جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض
خمسة عشر ذراعاً ، وهو الذي عند أهل الكتاب . وقيل : ثمانين ذراعاً ، وعم جميع
الأرض طولها والعرض ، سهلها وحزنها ، وجبالها وقفارها ورمالها ، ولم يبق على وجه
الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ، ولا صغير ولا كبير
.

قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملئوا
السهل والجبل ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لم تكن بقعة في الأرض إلا ولها
مالك وحائز
.

رواهما ابن أبي حاتم .

"
ونادى
نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين *
قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال
بينهما الموج فكان من المغرقين
" .

وهذا الابن هو
يام أخو سام وحام ويافث ، وقيل
اسمه كنعان وكان كافراً عمل عملاً غير صالح ، فخالف أباه
في دينه ، فهلك مع من هلك . هذا وقد نجال مع أبيه الأجانب في النسب ، لما كانوا
موافقين في الدين والمذهب
.

"
وقيل
يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر
واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين
" .

أي لما فرغ من أهل الأرض ، ولم يبق بها أحد ممن عبد غير الله عز
وجل ، أمر الله الأرض أن تبتلع ماءها ، وأمر السماء أن تقلع أي تمسك عن المطر "
وغيض الماء " أي نقص عما كان " وقضي الأمر " أي وقع بهم الذي كان قد سبق في علمه
وقدره ، من إحلاله بهم ما حل بهم
.

"
وقيل
بعدا للقوم الظالمين " أي نودي عليهم بلسان القدرة : بعداً لهم
من الرحمة والمغفرة
.

كما قال تعالى : " فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا
الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين
" .

وقال تعالى : " فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف
وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين
" .

وقال تعالى : " فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا
بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز
الرحيم
" .

وقال تعالى : " فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية
للعالمين
" .

وقال تعالى : " ثم أغرقنا الآخرين " .

وقال : " ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر *
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
" .

وقال تعالى : " مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم
من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن
تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
" .

وقد استجاب الله تعالى - وله الحمد والمنة - دعوته ، فلم يبق
منهم عين تطرف
.

وقد روى الإمامان أبو جعفر بن جرير ، وأبو محمد بن أبي حاتم في
تفسيريهما من طريق يعقوب بن محمد الزهري ، عن قائد مولى عبد الله بن أبي رافع ، أن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " فلو رحم الله من قوم نوح أحداً لرحم أم
الصبي
" !

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مكث نوح عليه السلام في
قومه ألف سنة - يعني إلا خمسين عاماً - وغرس مائة سنة الشجر ، فعظمت وذهبت كل مذهب
، ثم قطعها ثم جعلها سفينة ، ويمرون عليه ويسخرون منه ، ويقولون : تعمل سفينة في
البر ، كيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون
.

فما فرغ ونبع الماء وصار في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت
تحبه حباً شديداً ، فخرجت به إلى الجبل حتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مجدى سالم
مدير
مدير



الوصف : مدير منتديات اسلام ويب
عدد المساهمات : 288
تاريخ التسجيل : 23/01/2010

مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى   مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى Emptyالأحد يونيو 20, 2010 4:48 pm



ثلثه ، فلما بلغها الماء خرجت به حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ الماء قبتها رفعته
بيديها فغرقا ، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أم الصبي
" !

وهذا حديث غريب . وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد وغير واحد شبيه
لهذه القصة وأخرى بهذا الحديث أن يكون موقوفاً متلقى عن مثل كعب الأحبار . . والله
أعلم
.

والمقصود أن الله لم يبق من الكفارين دياراً .

فكيف يزعم بعض المفسرين أن عوج بن عنق - ويقال ابن عناق - كان
موجوداً من قبل نوح إلى زمان موسى . ويقولون : كان كافراً متمرداً جباراً عنيداً .
ويقولون : كان لغير رشدة . بل ولدته أمه بنت آدم من زنى ، وأنه كان يأخذ من طوله
السمك من قرار البحار ويشويه في عين الشمس ، وأنه كان يقول لنوح وهو في السفينة :
ما هذه القصة التي لك ؟ ويستهزئ به . ويذكرونه أنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع
وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعاً وثلثاً ، إلى غير ذلك من الهذايانات التي لولا
أنها مسطرة في كثير من كتب التفاسير وغيرها من التواريخ وأيام الناس لما تعرضنا
لحكايتها ، لسقاطتها وركاكتها ، ثم إنها مخالفة للمعقول والمنقول
.

أما المعقول : فكيف يسوغ فيه أن يهلك الله ولد نوح لكفره ،
وأبوه نبي الأمة وزعيم أهل الإيمان ، ولا يهلك عوج بن عنق ، ويقال عناق ، وهو أظلم
وأطغى على ماذكروا ؟


وكيف لا يرحم الله منهم أحداً ولا أم الصبي ، ويترك هذا الدعي
الجبار العنيد الفاجر ، والشديد الكافر ، الشيطان المريد على ما ذكروا
؟


وأما المنقول فقد قال الله تعالى : " ثم أغرقنا الآخرين " وقال
: " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا
" .

ثم هذا الطول الذي ذكروه مخالف لما في الصحيحين عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعاً ، ثم لم يزل الخلق
ينقص حتى الآن
" .

فهذا نص الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى " إن هو
إلا وحي يوحى " إنه لم يزل الخلق ينقص حتى الآن . أي لم يزل الناس في نقصان في
طولهم من آدم إلى يوم إخباره بذلك وهلم جرا إلى يوم القيامة 0 وهذا يقتضي أنه لم
يوجد من ذرية آدم من كان أطول منه
.

فكيف يترك هذا ويذهل عنه ويصار إلى أقوال الكذبة الكفرة من أهل
الكتاب ، الذين بدلوا كتب الله المنزلة وحرفوها وأولوها ووضعوها ووضعوها على غير
مواضعها ؟ فما ظنك بما هم يستقلون بنقله أو يؤتمنون عليه وهم الخونة والكذبة عليهم
لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، وما أظن أن هذا الخبر عن عوج بن عناق إلا
اختلاقاً من بعض زنادقتهم وفجارهم الذين كانوا أعداء الأنبياء . . والله
أعلم
.

ثم ذكر الله تعالى مناشدة نوح ربه في ولده ، وسؤاله له عن غرقه
على وجه الإستعلام والإستكشاف
.

ووجه السؤال : أنك وعدتني بنجاة أهلى معي وهو منهم وقد غرق
؟


فأجيب بأنه ليس من أهلك ، أي الذين وعدت بنجاتهم . أي إنا قلنا
لك : " وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم " فكان هذا ممن سبق عليه القول منهم بأنه
سيغرق بكفره ، ولهذا ساقته الأقدار إلى أن انحاز عن حوزة أهل الإيمان ، فغرق مع
حزبه أهل الكفر والطغيان
.

ثم قال تعالى : " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى
أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم
" .

هذا أمر لنوح عليه السلام لما نضب الماء عن وجه الأرض ، وأمكن
السعي فيها والإستقرار عليها ، أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها
العظيم على ظهر جبل الجودي وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور : " بسلام منا
وبركات " أي أهبط سالماً مباركاً عليك ، وعلى أمم من سيولد بعد ، أي من أولادك ،
فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلاً ولا عقباً سوى نوح عليه
السلام . قال تعالى : " وجعلنا ذريته هم الباقين " ، فكل من على وجه الأرض اليوم من
سائر أجناس بني آدم ، ينسبون إلى أولاد نوح وهم : سام ، وحام ،
ويافث
.

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن
الحسن ، عن سمرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو
الحبش ، ويافث أبو الروم
" .

ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن
سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعاً نحوه
.

وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : وقد روى عن عمران بن حصين عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله . قال : والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان
المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث ابن نوح عليه السلام
.

ثم روى من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن
المسيب ، أنه قال : ولد نوح ثلاثة : سام ويافث وحام ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة
ثلاثة : فولد سام : العرب وفارس والروم ، وولد يافث : الترك والصقالبة ويأجوج
ومأجوج ، وولد حام : القبط والسودان والبربر
.

قلت : وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إبراهيم
بن هانىء وأحمد بن حسين ابن عباد أبو العباس قالا : حدثنا محمد بن يزيد بن سنان
الرهاوي : حدثني أبي عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لنوح : سام وحام ويافث ، فولد لسام العرب
وفارس الروم والخير فيهم ، وولد ليافث : يأجوج ومأموج والترك والصقالبة ولا خير
فيهم . وولد لحام : القبط والبربر والسودان
" .

ثم قال : لا نعلم يروى مرفوعاً إلى من هذا الوجه ، تفرد به عن
محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه ، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه .
ورواه غيره عن يحيى بن عسيد مرسلاً ولم يسنده ، وإنما جعله من قول
سعيد
.

قلت : وهذا الذي ذكره أبو عمر ، هو المحفوظ عن سعيد قوله : "
وهكذا روى عن وهب ابن منبه مثله " والله أعلم ، ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي
ضعيف بمرة لا يعتمد عليه
.

وقد قيل : إن نوحاً عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة
الأولاد إلا بعد الطوفان ، وإنما ولد له قبل السفينة كنعان
الذي غرق ، و عابر مات قبل الطوفان
.

والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم
وأمهم وهو نص التوراة . وقد ذكر أن
حاماً واقع امرأته في السفينة ،
فدعا عليه نوح أن تشوه خلقه نطفته ، فولد له ولد أسود هو كنعان بن حام جد السودان ،
وقيل بل رأى أباه نائماً وقد بدت عورته فلم يسترها وسترها أخوه ، فلهذا دعا عليه أن
تغير نطفته ، وأن يكون أولاده عبيداً لإخوته
.

وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن
يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أنه قال : قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا
رجلاً شهد السفينة فحدثنا عنها . قال : فانطلق بهم حتى أتي إلى كثيب من تراب ، فأخذ
كفا من ذلك التراب بكفه . وقال أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال :
هذا كعب حام بن نوح . قال : وضرب الكثيب بعصاه وقال : قم بإذن الله . فإذا هو قائم
ينفض التراب عن رأسه قد شاب ، فقال له عيسى عليه السلام ، هكذا هلكت ؟ قال : لا ،
ولكني مت وأنا شاب ، ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت
.

قال : حدثنا عن سفينة نوح . قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي
ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات : فطبقة فيها الدواب والوحش . وطبقة
فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير . فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله عز وجل إلى نوح
عليه السلام أن اغمز ذنب الفيل ، فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث
، ولما وقع الفأر يخرز السفينة بقرضه ، أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام : أن
أضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخرة سنور وسنورة فأقبلا على الفأر . فقال له عيسى
: كيف علم نوح عليه السلام أن البلاد قد غرقت ؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد
جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت
.

قال : ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها
فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ، ودعا لها أن تكون في أنس
وأمان ، فمن ثم تألف البيوت . قال : فقالوا : يا رسول الله . . ألا ننطلق به إلى
أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ؟ قال : فقال له : عد
بإذن الله . . فعاد تراباً . وهذا أثر غريب جداً
.

وروى علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان مع نوح
في السفينة ثمانون رجلاً معهم أهلوهم ، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسون يوماً ،
وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوماً ، ثم وجهها إلى الجودي
فاستقرت عليه ، فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بخبر الأرض ، فذهب فوقع على
الجيف فأبطأ عليه ، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين ، فعرف
نوح أن الماء قد نضب ، فهبط إلى أسفل الجودى فابتني قرية وسماها ثمانين ، فأصبحوا
ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة ، إحداها العربية ، وكان بعضهم لا يفقه
كلام بعض فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم
.

وقال قتادة وغيره : ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر
رجب فساروا مائة وخمسين يوماً ، واستقرت بهم على الجودي شهراً وكان خروجهم من
السفينة في يوم عاشوراء من المحرم ، وقد روى ابن جرير خبراً مرفوعاً يوافق هذا ،
وأنهم صاموا يومهم ذلك
.

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب
الأزدي عن أبيه حبيب ابن عبد الله ، عن شبل ، عن أبي هريرة قال : مر النبي صلى الله
عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : " ما هذا الصوم " ؟ فقال
: هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق ، وغرق فيه فرعون ، وهذا
اليوم استوت فيه السفينة على الجودى ، فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكراً لله عز
وجل : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم " وقال
لأصحابه : " ومن كان منكم أصبح صائماً فليتم صومه ، ومن كان منكم قد أصاب من غذ
أهله فليتم بقية صومه
" .

وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر ، والمستغرب ذكر نوح
أيضاً . . . والله أعلم
.

وأما ما يذكره كثير من الجهلة أنهم أكلوا من فضول أزوادهم ، ومن
حبوب كانت معهم قد استصحبوها ، وطحنوا الحبوب يومئذ ، واكتحلوا بالإثمد لتقوية
أبصارهم لما انهارت من الضياء بعد ما كانوا في ظلمة السفينة - فكل هذا لا يصح فيه
شيء - وإنما يذكر فيه آثار منقطعة عن بني إسرائيل لا يعتمد عليها ولا يقتدى بها . .
والله أعلم
.

وقال محمد بن إسحاق : لما أراد الله أن يكف ذلك الطوفان أرسل
ريحاً على وجه الأرض ، فسكن الماء وانسدت ينابيع الأرض ، فجعل الماء ينقص ويغيض
ويدبر ، وكان استواء الفلك على الجودي - فيما يزعم أهل التوراة - في الشهر السابع
عشر ليلة مضت منه وفي أول يوم من الشهر العاشر رئيت رؤس الجبال . فلما مضى بعد ذلك
أربعون يوماً فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها ، ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل
الماء فلم يرجع إليه ، فأرسل الحمامة فرجعت إليه ولم يجد لرجلها موضعاً ، فبسط يده
للحمامة فأخذها فأدخلها ، ثم مضت سبعة أيام ثم أرسلها لتنظر له ما فعل الماء فلم
ترجع ، فرجعت حين أمست وفي فيها ورق زيتونة ، فعلم نوح أن الماء قد قل عن وجه الأرض
. ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع إليه ، فعلم نوح أن الأرض قد برزت ، فلما
كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد
من الشهر الأول من سنة اثنين ، برز وجه الأرض ، وظهر البر وكشف نوح غطاء
الفلك
.

وهذا الذي ذكره ابن إسحاق هو بعينه مضمون سياق التوراة التي
بأيدي أهل الكتاب
.

وقال ابن إسحاق : وفي الشهر الثاني من سنة اثنين في ست وعشرين
ليلة منه " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم
ثم يمسهم منا عذاب أليم
" .

وفيما ذكر أهل الكتاب أن الله كلم نوحاً قائلاً له : اخرج من
الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك ، وجميع الدواب التي معك ، ولينموا
وليكثروا في الأرض . فخرجوا وابنتي نوح مذبحاً لله عز وجل وأخذ من جميع الدواب
الحلال والطير الحلال فذبحها قرباناً إلى الله عز وجل وعهد الله إليه ألا يعيد
الطوفان على أهل الأرض . وجعل تذكاراً لميثاقه إليه القوس الذي في الغمام ، وهو قوس
قزح الذي روى عن ابن عباس أنه أمان من الغرق . قال بعضهم : فيه إشارة إلى أنه قوس
بلا وتر ، أي أن هذا الغمام لا يوجد طوفان كأول مرة
.

وقد أنكر طائفة من جهلة الفرس وأهل الهند وقوع الطوفان ، واعترف
به آخرون منهم وقالوا : إنما كان بأرض بابل ولم يصل إلينا . قالوا ولم نزل نتوارث
الملك كابراً عن كابر ، من لدن كيومث - يعنون آدم - إلى زماننا هذا
.

وهذا قاله من قاله من زنادقة المجوس عباد النيران وأتباع
الشيطان . وهذه سفسطة منهم وكفر فظيع وجهل بليغ ، ومكابرة للمحسوسات ، وتكذيب لرب
الأرض والسموات
.

وقد أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن ، مع ما تواتر عند
الناس في سائر الأزمان ، على وقوع الطوفان ، وأنه عم جميع البلاد ، ولم يبق الله
أحداً من كفرة العباد ، استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم ، وتنفيذاً لما سبق في
القدر المحتوم


ثم ذكر الله تعالى مناشدة نوح ربه في ولده ، وسؤاله له عن غرقه
على وجه الإستعلام والإستكشاف
.

ووجه السؤال : أنك وعدتني بنجاة أهلى معي وهو منهم وقد غرق
؟


فأجيب بأنه ليس من أهلك ، أي الذين وعدت بنجاتهم . أي إنا قلنا
لك : " وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم " فكان هذا ممن سبق عليه القول منهم بأنه
سيغرق بكفره ، ولهذا ساقته الأقدار إلى أن انحاز عن حوزة أهل الإيمان ، فغرق مع
حزبه أهل الكفر والطغيان
.

ثم قال تعالى : " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى
أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم
" .

هذا أمر لنوح عليه السلام لما نضب الماء عن وجه الأرض ، وأمكن
السعي فيها والإستقرار عليها ، أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها
العظيم على ظهر جبل الجودي وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور : " بسلام منا
وبركات " أي أهبط سالماً مباركاً عليك ، وعلى أمم من سيولد بعد ، أي من أولادك ،
فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلاً ولا عقباً سوى نوح عليه
السلام . قال تعالى : " وجعلنا ذريته هم الباقين " ، فكل من على وجه الأرض اليوم من
سائر أجناس بني آدم ، ينسبون إلى أولاد نوح وهم : سام ، وحام ،
ويافث
.

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن
الحسن ، عن سمرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو
الحبش ، ويافث أبو الروم
" .

ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن
سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعاً نحوه
.

وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : وقد روى عن عمران بن حصين عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله . قال : والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان
المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث ابن نوح عليه السلام
.

ثم روى من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن
المسيب ، أنه قال : ولد نوح ثلاثة : سام ويافث وحام ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة
ثلاثة : فولد سام : العرب وفارس والروم ، وولد يافث : الترك والصقالبة ويأجوج
ومأجوج ، وولد حام : القبط والسودان والبربر
.

قلت : وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إبراهيم
بن هانىء وأحمد بن حسين ابن عباد أبو العباس قالا : حدثنا محمد بن يزيد بن سنان
الرهاوي : حدثني أبي عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لنوح : سام وحام ويافث ، فولد لسام العرب
وفارس الروم والخير فيهم ، وولد ليافث : يأجوج ومأموج والترك والصقالبة ولا خير
فيهم . وولد لحام : القبط والبربر والسودان
" .

ثم قال : لا نعلم يروى مرفوعاً إلى من هذا الوجه ، تفرد به عن
محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه ، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه .
ورواه غيره عن يحيى بن عسيد مرسلاً ولم يسنده ، وإنما جعله من قول
سعيد
.

قلت : وهذا الذي ذكره أبو عمر ، هو المحفوظ عن سعيد قوله : "
وهكذا روى عن وهب ابن منبه مثله " والله أعلم ، ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي
ضعيف بمرة لا يعتمد عليه
.

وقد قيل : إن نوحاً عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة
الأولاد إلا بعد الطوفان ، وإنما ولد له قبل السفينة كنعان
الذي غرق ، و عابر مات قبل الطوفان
.

والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم
وأمهم وهو نص التوراة . وقد ذكر أن
حاماً واقع امرأته في السفينة ،
فدعا عليه نوح أن تشوه خلقه نطفته ، فولد له ولد أسود هو كنعان بن حام جد السودان ،
وقيل بل رأى أباه نائماً وقد بدت عورته فلم يسترها وسترها أخوه ، فلهذا دعا عليه أن
تغير نطفته ، وأن يكون أولاده عبيداً لإخوته
.

وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن
يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أنه قال : قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا
رجلاً شهد السفينة فحدثنا عنها . قال : فانطلق بهم حتى أتي إلى كثيب من تراب ، فأخذ
كفا من ذلك التراب بكفه . وقال أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال :
هذا كعب حام بن نوح . قال : وضرب الكثيب بعصاه وقال : قم بإذن الله . فإذا هو قائم
ينفض التراب عن رأسه قد شاب ، فقال له عيسى عليه السلام ، هكذا هلكت ؟ قال : لا ،
ولكني مت وأنا شاب ، ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت
.

قال : حدثنا عن سفينة نوح . قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي
ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات : فطبقة فيها الدواب والوحش . وطبقة
فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير . فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله عز وجل إلى نوح
عليه السلام أن اغمز ذنب الفيل ، فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث
، ولما وقع الفأر يخرز السفينة بقرضه ، أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام : أن
أضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخرة سنور وسنورة فأقبلا على الفأر . فقال له عيسى
: كيف علم نوح عليه السلام أن البلاد قد غرقت ؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد
جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت
.

قال : ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها
فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ، ودعا لها أن تكون في أنس
وأمان ، فمن ثم تألف البيوت . قال : فقالوا : يا رسول الله . . ألا ننطلق به إلى
أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ؟ قال : فقال له : عد
بإذن الله . . فعاد تراباً . وهذا أثر غريب جداً
.

وروى علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان مع نوح
في السفينة ثمانون رجلاً معهم أهلوهم ، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسون يوماً ،
وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوماً ، ثم وجهها إلى الجودي
فاستقرت عليه ، فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بخبر الأرض ، فذهب فوقع على
الجيف فأبطأ عليه ، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين ، فعرف
نوح أن الماء قد نضب ، فهبط إلى أسفل الجودى فابتني قرية وسماها ثمانين ، فأصبحوا
ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة ، إحداها العربية ، وكان بعضهم لا يفقه
كلام بعض فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم
.

وقال قتادة وغيره : ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر
رجب فساروا مائة وخمسين يوماً ، واستقرت بهم على الجودي شهراً وكان خروجهم من
السفينة في يوم عاشوراء من المحرم ، وقد روى ابن جرير خبراً مرفوعاً يوافق هذا ،
وأنهم صاموا يومهم ذلك
.

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب
الأزدي عن أبيه حبيب ابن عبد الله ، عن شبل ، عن أبي هريرة قال : مر النبي صلى الله
عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : " ما هذا الصوم " ؟ فقال
: هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق ، وغرق فيه فرعون ، وهذا
اليوم استوت فيه السفينة على الجودى ، فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكراً لله عز
وجل : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم " وقال
لأصحابه : " ومن كان منكم أصبح صائماً فليتم صومه ، ومن كان منكم قد أصاب من غذ
أهله فليتم بقية صومه
" .

وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر ، والمستغرب ذكر نوح
أيضاً . . . والله أعلم
.

وأما ما يذكره كثير من الجهلة أنهم أكلوا من فضول أزوادهم ، ومن
حبوب كانت معهم قد استصحبوها ، وطحنوا الحبوب يومئذ ، واكتحلوا بالإثمد لتقوية
أبصارهم لما انهارت من الضياء بعد ما كانوا في ظلمة السفينة - فكل هذا لا يصح فيه
شيء - وإنما يذكر فيه آثار منقطعة عن بني إسرائيل لا يعتمد عليها ولا يقتدى بها . .
والله أعلم
.

وقال محمد بن إسحاق : لما أراد الله أن يكف ذلك الطوفان أرسل
ريحاً على وجه الأرض ، فسكن الماء وانسدت ينابيع الأرض ، فجعل الماء ينقص ويغيض
ويدبر ، وكان استواء الفلك على الجودي - فيما يزعم أهل التوراة - في الشهر السابع
عشر ليلة مضت منه وفي أول يوم من الشهر العاشر رئيت رؤس الجبال . فلما مضى بعد ذلك
أربعون يوماً فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها ، ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل
الماء فلم يرجع إليه ، فأرسل الحمامة فرجعت إليه ولم يجد لرجلها موضعاً ، فبسط يده
للحمامة فأخذها فأدخلها ، ثم مضت سبعة أيام ثم أرسلها لتنظر له ما فعل الماء فلم
ترجع ، فرجعت حين أمست وفي فيها ورق زيتونة ، فعلم نوح أن الماء قد قل عن وجه الأرض
. ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع إليه ، فعلم نوح أن الأرض قد برزت ، فلما
كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد
من الشهر الأول من سنة اثنين ، برز وجه الأرض ، وظهر البر وكشف نوح غطاء
الفلك
.

وهذا الذي ذكره ابن إسحاق هو بعينه مضمون سياق التوراة التي
بأيدي أهل الكتاب
.

وقال ابن إسحاق : وفي الشهر الثاني من سنة اثنين في ست وعشرين
ليلة منه " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم
ثم يمسهم منا عذاب أليم
" .

وفيما ذكر أهل الكتاب أن الله كلم نوحاً قائلاً له : اخرج من
الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك ، وجميع الدواب التي معك ، ولينموا
وليكثروا في الأرض . فخرجوا وابنتي نوح مذبحاً لله عز وجل وأخذ من جميع الدواب
الحلال والطير الحلال فذبحها قرباناً إلى الله عز وجل وعهد الله إليه ألا يعيد
الطوفان على أهل الأرض . وجعل تذكاراً لميثاقه إليه القوس الذي في الغمام ، وهو قوس
قزح الذي روى عن ابن عباس أنه أمان من الغرق . قال بعضهم : فيه إشارة إلى أنه قوس
بلا وتر ، أي أن هذا الغمام لا يوجد طوفان كأول مرة
.

وقد أنكر طائفة من جهلة الفرس وأهل الهند وقوع الطوفان ، واعترف
به آخرون منهم وقالوا : إنما كان بأرض بابل ولم يصل إلينا . قالوا ولم نزل نتوارث
الملك كابراً عن كابر ، من لدن كيومث - يعنون آدم - إلى زماننا هذا
.

وهذا قاله من قاله من زنادقة المجوس عباد النيران وأتباع
الشيطان . وهذه سفسطة منهم وكفر فظيع وجهل بليغ ، ومكابرة للمحسوسات ، وتكذيب لرب
الأرض والسموات
.

وقد أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن ، مع ما تواتر عند
الناس في سائر الأزمان ، على وقوع الطوفان ، وأنه عم جميع البلاد ، ولم يبق الله
أحداً من كفرة العباد ، استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم ، وتنفيذاً لما سبق في
القدر المحتوم
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مضمون ما جرى لنوح مع قومه الجزء الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مضمون ما جرى لنوح مع قومه
» سلسلة اصحاب الرسول ( الجزء الثانى )
» سلسلة أصحاب الرسول ( الجزء الاول )
» سلسلة اصحاب الرسول ( الجزء الثالث )
» شاهد الجزء والحزب رقمُا في القرءان الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اسلام ويب :: ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه :: قصص من القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: