هو محمد ابن عبد الكريم ابن فتاح ابن مصطفى ابن محمد من عشيرة (هوزقاضي) ولد في شهر ربيع الأول سنة 1323 هجرية ، المصادف لفصل الربيع من سنة 1902 ميلادية ، وكان مولده في قرية (تكية) القريبة إلى ناحية خورمال والتابعة إلى محافظة السليمانية في كردستان العراق ، وقد تلقى بدايات تعليمه من العلوم الدينية وختم القرآن الكريم في هذه القرية وفي حياة والده رحمه الله ، ثم واصل دراسته للعلوم الدينية واخذ العلوم عن كبار علماء وأساتذة وشيوخ السليمانية مثل العلامة الشهير (الشيخ عمر القرداغي) المدرس في التكية الخالدية في السليمانية فنال الإجازة العلمية من شيخه القرداغي سنة 1343 هجرية ، وتم تعينه مدرساً في قرية (نركسه جار) غربي قضاء حلبجة المتروكة الآن بسبب إنشاء بحيرة (دربنديخان) ، وفي أواخر سنة 1346 هجرية أرسل إليه الشيخ محمد علاء الدين النقشبندي (قدس الله روحه) شيخ الطريقة النقشبندية وهو والد الشيخ محمد عثمان سراج الدين الثاني النقشبندي (قدس الله روحه) حيث تم تعينه في قرية بيارة الشريفة وفي مدرستها الدينية ومنها اكتسب اسمه بيارة ، وانصرف الشيخ محمد عبد الكريم المدرس إلى التدريس بكل جهد وجد ورغبة وازداد عدد الطلاب في تلك الأيام إلى خمسة وتسعين طالباً وقد ساهم في تخرج عدد كبير من أهل الفضل والعلم والاستعداد لخدمة الإسلام والمسلمين ، واصل سماحته تدريس العلوم الدينية في السليمانية ثم في دورود في إيران في المدرسة والتكية النقشبندية ، وأخيراً استقر به المقام في بغداد في مدرسة الشيخ عبد القادر الكيلاني حتى أواخر سنوات عمره ، عاش الفقيد الراحل حياة طويلة مليئة بالثمار اليانعة من المؤلفات القيمة باللغات الكردية والعربية والفارسية ، وكان مجلسه وديوانه العامر في جامع حضرة الشيخ عبد القادر الكيلاني تعمه صباحاً الجنسيات المختلفة من طلاب العلم المسلمين فمنهم السوداني والمصري والجزائري ومن بقية الدول الأفريقية وكذلك التركي والأندنوسي والماليزي والعراقي الكردي والعربي إضافة إلى زواره المختلفين فمنهم الزائر ومنهم الحائر ومنهم السائل فيصغي لاستفساراتهم الشرعية لإصدار الفتاوى كونه متولي منصب الإفتاء ورئيس رابطة علماء الدين في العراق ، وكان يستغل وقت الفراغ في التفرغ إلى كتاباته ومؤلفاته الدينية والأدبية ، ومن أهمها تفسير القرآن الكريم وكذلك القاموس العربي الكردي . ومن كتبه العربية نور الإسلام ، رسائل العرفان ، رسائل الرحمة في المنطق ، مواهب الرحمن سبعة أجزاء ، الإرشاد والأنام ، المصيدة الوردية ، الصرف الواضح ، مفتاح الأدب وخلاصة البيان في وضع البيان وغيرها الكثير ، وكذلك أكثر من 65 مؤلفاً باللغة الكردية . كنت دائم التردد على زيارته التي تغمرني فيها السعادة في النظر الى وجهه البشوش وكلامه اللطيف الحنون وأنا أنظر إليه وهو يغمس الريشة في المحبرة التي الى جانبه ليكتب بها ما تجود به قريحته ونفسه الصافية وقلبه العامر بالإيمان من تفسير للقرآن الكريم أو غيرها من المؤلفات أو استمع إلى شرحه وتعليقه أثناء تدريسه لطلابه في غرفته في جامع ومسجد الشيخ عبد القادر الكيلاني وقد رئيت منه الكثير من الكرامات والمكاشفات التي لا يكفيها مجلد إن أردنا ذكرها ، ومن أسعد لحظات حياتي التي أنعم الله بها علينا هي سنة 1988 ميلادية عندما كنت جالساً بين يد خالي وشيخي حضرة الشيخ محمد عثمان سراج الدين النقشبندي في بغداد حيث سمعنا بأن الشيخ محمد عبد الكريم المدرس جاء لزيارة الشيخ محمد عثمان سراج الدين النقشبندي فقال شيخي قم لنذهب في استقبال الشيخ فقمنا وشيخي يسند يديه إلى ذراعي ، وكان المرداء والصوفية والزوار قد أحاطوا بالشيخ عبد الكريم المدرس لاستقباله في فناء حديقة الدار فوصل شيخي وهو يسند يده على ذراعي وبعد السلام والتقبيل والملاطفة الجميلة بينهم أصبحت في وسطهم يسندون أيديهم إلى ذراعي وهم يتكلمون وأنا بينهم فشكرت الله شكرا كثيرا حيث جعلني في موقف أكون فيه بين وليين من أولياء الله ، فانتابني شعور وحال غريب مقرون بسعادة لا توصف فحمدت الله كثيراً .
في يوم الثلاثاء المصادف 30-8-2005 ميلادية والموافق 25 رجب 1426 هجرية انتقل إلى رحمة الله تعالى عن عمر يناهز 110 عاما حيث فقد العالم الإسلامي احد أعمدة الدين رحمه الله وادخله فسيح جناته .... آمين .
الإثنين فبراير 07, 2011 6:09 am