مجدى سالم مدير
الوصف : مدير منتديات اسلام ويب عدد المساهمات : 288 تاريخ التسجيل : 23/01/2010
| موضوع: "فقه العبادات السبت فبراير 20, 2010 7:30 am | |
| الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قبل الشروع في "فقه العبادات" ينبغي أولاً بيان ما هي العبادة.
العبادة هي : اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة و الباطنة، فكل أعمال الجوارح هي من الأعمال الظاهرة.
و الجوارح جمع "جارحة"، و هي اليد أو الرجل أو العين أو اللسان أو الأنف أو الأذن.
و سُميت بهذا الاسم لأن من شأنها الجرح و هو الأذى.
و أعمال الجوارح مثل :
الشهادتان والصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و صلة الرحم و الجهاد و ذكر الله باللسان و غض البصر عمَّا حرَّم الله و حفظ الفرج ...الخ، فهذه من الأعمال و الأقوال الظاهرة.
و الأعمال الباطنة مثل :
الإيمان بالله و انعقاد القلب عليه و الإيمان بالملائكة و الكتب و الرسل و اليوم الآخر و القدر خيره وشره و انعقاد القلب عل كل ذلك.
أيضًا منها: الخوف من الله و الحب و البغض في الله و الرجاء فيما عند الله و التوكل و الرغبة و الرهبة و الإنابة إلى الله تعالى ...الخ، فهذه من الأعمال و الأقوال الباطنة.
و هذا – باختصار شديد – معنى العبادة.
لكن، لماذا نبدأ بـ (فقه العبادات)؟ الأصل في هذا الشأن هو حديث جبريل صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري و مسلم و غيرهما من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و فيه سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام و الإيمان و الإحسان.
و قد أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام هو :
أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً.
أمَّا الشهادتان محل الكلام عليهما كتب العقيدة و التوحيد، لذلك لم يتكلم عنهما أهل الفقه بكتبهم إلا عند الكلام على المرتد، أو الخلاف في تارك الصلاة فقط.
لذلك وجب البدء في كتب الفقه بالركن الثاني من أركان الإسلام و هو "الصلاة".
و الصلاة لا يمكن أن تصح إلا بالطهارة، لذلك وجب تقديم الطهارة على الصلاة لأنه ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب، و الطهارة "شرط في صحة الصلاة".
و هنا – قبل البدء أيضًا – يُفَضَّلُ التنبيه على الفرق بين الشرط و الركن، لأن الكثيرين لا يعرفون الفرق بينهما رغم أنَّ هذا مما يترتب عليه عملٌ كثيرٌ.
الشرط هو ما يلزم للعمل و لا يصح العمل إلا به، كالطهارة للصلاة.
فإذا لم يوجد هذا الشرط لم يصح العمل، فمَن صلَّى و لم يكن على طهارة لم تصح صلاته و كانت باطلة من الأساس.
أمَّا الركن فهو "جزء" من العمل نفسه، و إذا لم يقم به الشخص بطل العمل – أو جزء منه على حسب نوع العبادة.
فالوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، و مَن لم يقف بعرفة بطل الحج كله.
و قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، فمَن لم يقرأها في ركعة من الركعات بطلت هذه الركعة ( فقط ) و لم تبطل الصلاة كلها، و يجب عليه الإتيان بركعة أخرى بدلها.
فظهر من هنا الفرق بينهما:
1 - كلاهما ضروري لصحة العمل، و ببطلانه – أو فقده – يبطل العمل.
2 – الشرط قبل العمل و الركن جزء منه.
3 – فقدان الشرط يبطل العمل كله، و فقدان الركن يكون بحسن نوعية العمل. نبدأ بحول الله تعالى وقُوَّتِه في تبسيط العبادات بطريقة أرى أن معظم القرَّاء سيتمكنون بإذن الله تعالى من فهمها، و إذا رأى أحد الأفاضل أي اعتراض على قول أو رَأْيٍ معين اعتمدتُه فليتفضل بالرد مباشرة مع إبداء السبب مع الدليل إن أمكنه ذلك، و إلا فلينقل كلام – أو فتوى – مَن استمع إليه أو قرأ له حتى تستقر الأمور قدر الإمكان في الأذهان.
و ليعلم القارىء الكريم أنه من المستحيل التوفيق بين جميع الآراء، فيجب أن يعذر المخالفُ مخالفَه مادام أن المخالفة ليست في ( أصل ) الشريعة و مادام مع المخالف دليل معتبر.
و الدليل المعتبر هو آية من القرآن أو حديث ( صحيح ) عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع الأخذ في الاعتبار أن الفهم للآية أو الحديث لابد أن يكون لأحد أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أو لتابعي أو لعالم من أهل السنة و الجماعة و ليس لغير المشهود لهم بالعلم من آحاد الناس مثل كاتب هذا الموضوع أو غيره، فلا يؤخذ العلم إلا من ثقات مشهود لهم معروفين بالعلم بين الناس.
و البدء الآن بإذن الله تعالى يكون بهذا العنوان :
"تعريف الطهارة و أهميتها"
***
الطهارة هي النظافة و التخلص من الأوساخ أو الأدناس الحسية – كالأنجاس من بول و غيره – و المعنوية – كالعيوب و المعاصي-.
و في الشرع المتعبد به لله تعالى : هي رفع ما يمنع الصلاة من حَدَثٍ أو نجاسةٍ بالماء – أو بغيره – أو رفع حكمه بالتراب.
و معنى (رفع ما يمنع الصلاة ) يعني : التخلص مما يمنع الصلاة إن أمكن ذلك.
و معنى (حَدَثٍ ) يعني : فساءٌ أو ضُرَاطٌ ( كما قال أبو هريرة رضي الله عنه )، أو بول أو براز ( كما يأتي بنواقض الوضوء بإذن الله تعالى ).
و معنى ( نجاسةٍ ) يعني : بول أو براز أو وَدْيْ أو مَذْيْ أو دم حيض.
و معني ( بالماء – أو بغيره ) يعني : باستخدام الماء أو باستخدام التراب الطاهر.
و معنى ( أو رفع حكمه ) يعني : أن يظل الإنسان على جنابته أو انتقاض وضوئه و لكنه يتمكن من الصلاة لكونه تيمم بالتراب، فلا يرتفع ( لا يتم التخلص من ) الحدث، فيبقى مُحْدِثًا و يمكنه الصلاة.
و لتوضيح هذا المعنى الأخير – لعدم الالتباس على الفهم – أقول :
في قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه في غزوة ذات السلاسل ( ذات الرقاع ) أجنب عمرو رضي الله عنه و لم يتمكن من الاغتسال لبرودة الماء، فاضطر للتيمم و صلَّى بأصحابه الصبح، فاشتكوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم.
سأله النبي صلى الله عليه وسلم : أصليتَ بأصحابك و أنت جنب؟
قال : يا رسولَ الله، ذكرتُ قولَ الله تعالى " و لا تقتلوا أنفسَكم إن الله كان بكم رحيمًا"، فخشيت إن اغتسلتُ أن أهلك، فتيممتُ.
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت سُنَّةً تقريريةً بأن مَن لم يقدر على الماء لعذر فإنه يتيمم و يصلي.
و المقصود من هذا الحديث هو أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم قال له :
" أصليتَ بأصحابك و أنت جنب؟"
فبعد أن عَلِمَ أنه تيمم أثبت له صفة الجنابة و لم يرفع التيممُ الجنابةَ، بل بقيت على حالها.
فعلمنا من هذا أن التيمم لا يرفع الحدث و إنما تُستباح به الصلاة و مس المصحف و الطواف بالبيت و كل ما يحتاج إلى طهارة شرعية.
و لذلك جاء حديث أبي هريرة – و أبي ذر – عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصعيد الطيب طهور المؤمن و لو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فَلْيُمِسَّهُ بشرتَه فإن ذلك خير.
فالجنب – أو المحدث – إذا تيمم ثم وجد القدرة على استعمال الماء فإن تيممه يبطل، و لذلك قالوا – و ليس بآية أو بحديث – هذه الكلمة :
" إِذَا حَضَرَ المَاءُ بَطُلَ التَّيَمُمُ "
فالجنب إذا حضر الماء وجب عليه الاغتسال، و لا يقضي الصلوات التي صلاَّها بالتيمم.
و المُحْدِثُ إذا حضر الماء وجب عليه الوضوء ، و لا يقضي الصلوات التي صلاَّها بالتيمم.
هذا باختصار و تيسير من الرحمن البدء في هذا الموضوع، و تأتينا تفاصيل أحكام الطهارة و نتكلم بتفصيل بإذن الله تعالى – في حينه – عن التيمم و أحكامه و صفاته.
تكملة الدرس
ما هو حكم الطهارة؟
بمعنى : إذا أردنا التطهر، فهل الطهارة حرام أم مكروهة أم جائزة أم مستحبة أم واجبة ؟
هذا هو معنى : حكم الطهارة
الطهارة تنقسم قسمين:
الطهارة من النجاسة و الطهارة من الحَدَثِ.
فالطهارة من النجاسة واجبة مع التذكر و القدرة.
يعني أن الذي يتذكر أن عليه نجاسة في ثوبه أو بدنه أو مكان صلاته فيجب عليه أن يقوم بتطهيرها، أما الناسي و قد صلَّى فلا إعادة عليه و صلاته صحيحة، وكذلك المتمكن من إزالة النجاسة عليه أن يزيلها أما غير المتمكن من إزالتها فعليه قدر المستطاع.
و قد صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو لابس الخُف- يعني : الحذاء - و أثناء الصلاة أتاه جبريل و أخبره بالنجاسة التي في أسفل الخُف فخلعه النبي صلى الله عليه وسلم و هو يصلي و لم يقم بإعادة الصلاة.
و بالنسبة للقدرة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم التي يصيب دمُ الحيض ثوبَها أن تطهره قدر الاستطاعة، و لو بقي به أثر الدم من لون أو رائحة فلا شيء عليها لأنها ليس في إمكانها.
أمَّا الطهارة من الحَدَثِ - و شرحنا معناه من قبل - فتجب هذه الطهارة لاستباحة الصلاة.
و معنى لاستباحة الصلاة أي للتمكن من أداء الصلاة الصحيحة، فلا صلاة تصح من مسلم او مسلمة إلا بطهارة كاملة من الحدث.
و الدليل قوله صلى الله عليه وسلم :
" لاتُقْبَلُ صلاةٌ بغير طهور"
و هنا أحب أن أوضح كلمات وردت فيما سبق من شرح، وهي كلمات تتعلق بالفقه، و هي :
1- الحرام : و هو ما يستحق فاعله العقاب، و يستحق تاركه الثواب.
2- المكروه : و هو ما لا يستحق فاعله العقاب، و يستحق تاركه الثواب.
3- الجائز : ويسمونه الحلال و المباح ، و هو ما لا يستحق فاعله أو تاركه العقاب أو الثواب، فهو مستوٍ الطرفين.
4- المستحب: و يسمونه المندوب، و هو ما يستحق فاعله الثواب، و لا يستحق تاركه العقاب ( عكس المكروه ).
5- الواجب : و يسمونه الفرض، و هو ما يستحق تاركه العقاب ، و يستحق فاعله الثواب.
ثم ننتقل بالكلام إلى:
"أنواع الطهارة" ***
الطهارة الشرعية قسمان:
1- طهارة حقيقية : و هي الطهارة من الخَبَثِ - أي النجاسة - و تكون في البدن و الثوب و المكان.
2- طهارة حكمية : و هي الطهارة من الحَدَثِ، و هي تختص بالبدن.
و هذا النوع الأخير ثلاثة أفرع :
أ - طهارة كبرى : و هي الغسل من الحيض أو النفاس أو الجنابة.
ب- طهارة صغرى: و هي الوضوء للصلاة إذا كان الوضوء انتقض بخروج ريح أو بول أو براز أو بسبب نوم أو أكل لحم جمل، على ما سيأتي بيانه فيما بعد بإذن الله تعالى. "النجاسات و أنواعها"
*****
دلَّ الدليل الشرعي على نجاسة أشياء بعينها ( بنفسها ) ، و هي :
1، 2 - بول الإنسان و غائط الإنسان : و قد اتفق العلماء جميعًا من أهل السنة على نجاستهما، و الأدلة على ذلك متوافرة، منها :
"إذا وَطِىءَ أحدُكم بنعله الأذى فإن التراب به طهور" رواه الإمام أبو داود صاحب السنن.
" و قال أنس بنُ مالكٍ أن أعرابيًّا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم - يعني : ليمنعوه - فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
دعوه لا تُزْرِمُوه
فلمَّا فرغ دعا بدلو من ماء فصبَّه عليه"
رواه الإمامان البخاري و مسلم صاحبا الصحيحين.
و معنى " لاتُزْرِموه": لا تقطعوا عليه بولته فيحدث الضرر.
3، 4 - المَذْي و الوَدْي : المَذْي عبارة عن ماء رقيق يخرج عند شهوة كالملاعبة أو تَذَكُّر الجماع أو إرادته، و لا يكون متدفقًا و لا يكون بعده فتور ، و ربما يخرج و لا يشعر المرء بخروجه.
و يكون للرجل و المرأة ، و هو في المرأة أكثر.
و هو نجس باتفاق العلماء و يُعاملُ معاملة البول بالضبط من ناحية وجوب غسل المكان الذي أصابه و من جهة نقضه للوضوء.
في البخاري و مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمَن سأله عنه :
"يغسل ذكره و يتوضأ"
أمَّا الوَدْي فهو ماء أبيض ثخين ( غليظ ) يخرج بعد البول ، و هو نجس أيضًا و حكمه حكم المَذْي و البول من كل ناحية.
ربما يسأل سائل : إذا رأيتُ أحد هذين السائلين بثيابي، فهل أغتسل لأنهما نجاسة؟
أقول : النجاسات كلها إذا أصابت الثوب أو البدن أو الأرض أو غيرها فيجب غسل ( المكان ) المصاب بها فقط بالماء و لا يجب و لا يستحب الاغتسال بسببها، و مَن اغتسل بسببها فقد أتى بدعة عليه أن يتوب إلى الله منها.
سيقول آخر : و ماذا إذا توضأتُ ثم لمستُ نجاسة أو جاءت على ثوبي؟
أقول : اغسل مكانها و وضوؤك صحيح.
أمَّا المَنِيُّ فهو طاهر و لكن يجب الاغتسال منه، و سيأتي الكلام عليه بإذن الله تعالى، و ليس من النجاسات.
5- دم الحيض و النفاس : أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسله من الثياب و لا يضر أثرُه بعد ذلك.
6 - رَوْثُ ما لا يُؤْكَلُ لحمُه : هو من النجاسات لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الرَوْثَة ليستجمر بها عندما أتاه بها عبد الله بن مسعود و ألقاها و قال :
"هي رجس ، إنها روثة حمار، ائتني بغيرها"
7 - لعاب الكلب : و قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل من لعاب الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب، فدلَّ على النجاسة.
و قد اختلف العلماء فيما سوى لعاب الكلب، مثل شعره و باقي جسده.
و المذهب الذي نأخذ به هو أن باقي جسده كله طاهر إلا ما جاء الدليل به، و الكلام في ذلك يطول.
8 - لحم الخنزير : للآية "قل لا أجد فيما أُوحِيَ إليَّ محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحمَ خنزير فإنه رجسٌ"
و باقي الخنزير ( حال حياته ) لا دليل على نجاسته، و إنما يجتنبه المسلم تقذرًا، و قد ذكر الإمام النووي أنه لا يوجد للخنزير حال حياته دليل على النجاسة.
9 - الميتة : التي ماتت دون تذكية شرعية ، أي دون ذبح شرعي و إن كانت مما يؤكل لحمه، مثل : الدجاج أو البقر أو غيرها إلا إذا تم ذبحها فتكون طاهرة.
و يستثنى من الميتة نوعان :
أ ) ميتة ما لا دمَ له سائل : كالذباب و النحل و البق و النمل، فإنها إذا قتلتها لم يكن لها دم سائل كبقية الحيوانات.
ب) ميتة السمك و الجراد : فإنهما طاهرتان لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
"أُحِلَّ لنا ميتتان و دمان، أما الميتتان فالحوت - السمك - و الجراد، و أما الدمان فالكبد و الطِّحال" الإمام أحمد و ابن ماجه .
10- ما قُطِعَ من البهيمة و هي حية : لحكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك الجزء حكمه حكم الميتة.
و ذلك كمَن يقطع ألية الخروف ( جزء من آخر الخروف يحتوي على دهن )، فهذا من الميتة.
11- سُؤْرُ السباع و الحيوانات الني يحرم لحمها : و هو المتبقي من الشرب بعد الحيوانات التي لا يحل لنا أكلها، إلا القطط فإن المتبقي منها طاهر.
و هنا تنبيه لمَن يحب تربية الكلاب أو غيرها - إلا القطط - بالبيوت، فعليه الانتباه لهذه الأحكام الشرعية.
أضف لهذا أن البيت الذي به صورة أو كلب لا تدخله الملائكة، بل البيت الذي به كلب ليس للحراسة المعروفة للماشية و نحوها أو لا يكون كلب صيد فهذا يجعل أجر صاحبه عند الله تعالى ينقص قيراطان كل يوم!!!
و نتحدث بالمرة القادمة بإذن الله تعالى عن أنواع مختلف فيها من النجاسات، بمعنى هل هي نجاسة أم لا؟
هل المنيّ طاهر أم نجس؟
القولان في المنيّ هما:
الأول : النجاسة ، و هو قول أبي حنيفة و مالك و رواية عن الإمام أحمد بن حنبل.
و دليلهم على النجاسة حديث عائشة رضي الله عنها لمَّا سُئلتْ عن المني، فقالت :
كنتُ أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة و أثر الغسل في ثوبه بقع الماء. رواه البخاري و مسلم.
و الغسل لا يكون إلا لشيء نجس.
الثاني: الطهارة، و هو قول الشافعي و داود بن عليّ - الظاهري - و أصح الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل.
و دليلهم حديث عائشة رضي الله عنها:
كنتُ أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
و حديثها أن ضيفً نزل بها - بعائشة - فأصبح يغسل ثوبه، فقالت عائشة رضي الله عنها:
إنما كان يجزئك - يعني : يكفيك - إن رأيتَه أن تغسل مكانه، فإن لم ترَ نضحتَ حوله، و لقد رأيتُني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه. رواه مسلم.
و الاكتفاء بالفرك دليل الطهارة.
و قد ردَّ عليهم الفريق الأول بأن الفرك لا يدل على الطهارة و إنما يدل على كيفية تطهير الثوب من المنيّ كما أن تطهير النعل من النجاسة يكون بمسحها في التراب.
و لكن شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى أجاب بـ :
فرك عائشة للمنيّ تارة و غسله تارة أخرى لا يقتضي تنجيسه، فإن الثوب يُغْسَلُ من المخاط و البصاق و الوسخ، و هكذا قال غير واحد من الصحابة كسعد بن أبي وقَّاص و ابن عباس و غيرهما، فظهر بهذا أن فعل عائشة رضي الله عنها إنما هو من باب اختيار النظافة.
و من قول الإمام النووي على شرح مسلم :
و يتأيد الحكم بطهارة المنيّ أن الصحابة كانوا يحتلمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم و أن المنيّ يصيب بدنَ أحدهم و ثيابَه - و هذا مما تعم به البلوى - فلو كان نجسًا لوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإزالته كما أمرهم بالاستنجاء ، و لم ينقل أحدٌ هذا، فعُلِم يقينًا أن إزالته لم تكن واجبة، و الله أعلم.
هل يعتبر الدم من النجاسات؟" ***
الدم على أقسام : الأول : دم الحيض: وهو نجس باتفاق العلماء، وتقدم الدليل على نجاسته.
الثاني : دم الإنسان: وهو مختلف فيه، فالمشهور عند الفقهاء أنه نجس، وليس لديهم حجة من قرآن أو سنَّةٍ إلا وجود التحريم بالقرآن بقوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزيرٍ فإنه رجس"، فاستلزموا من وجود التحريم وجود النجاسة. يعني أنهم قالوا بنجاسة هذا الدم بما أنه محرم!!! بينما التحريم شيء والنجاسة شيء زائد عليه لا نقول به إلا بدليل إضافي على التحريم، مثل تحريم القمار وتحريم الجمع في الزواج بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها أو تحريم زواج الابن من أمه أو خالته، فهذا لا يستلزم أنَّ هذه المُحَرَّمات تكون نجسة. ثم إن من العلماء مَن لم يقل بالنجاسة مع أنه يقول بالتحريم، ومن هؤلاء العلماء الأفاضل: الإمام الشوكاني والشيخ صِدِّيق حسن خان و الشيخ الألباني و الشيخ العثيمين، فقد قالوا بالطهارة.
والأدلة على الطهارة لهذا الدم – دم الإنسان – كثيرة، منها: 1- الأصل: فإن الله تعالى لم ينزل قرآنًا فيه بيان نجاسة هذا الدم، وكذلك في السنة لايوجد دليل على نجاسته، بل العكس موجود وهو أدلة الطهارة كما يأتي بيانه. 2-فيما أورد الإمام البخاري (معلقًا) عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه قال: "مازال المسلمون يصلون في جراحاتهم" ومعنى هذا أن المسلم إذا كان مجروحًا فالدم ينزل منه وهو على صلاته لا تمنعه هذه الجراحة أو هذا الدم من الصلاة. 3-وفي حديث الأنصاري الذي أصابه المشركُ بثلاثة أسهم – وهو بالصلاة – فلم يخرج منها والدم ينزل منه. 4-وفي حديث مقتل عمرَ رضي الله عنه أنه صلَّى وجرحُه يثعب – ينزل – دمًا. وفي السنة كثير من هذه الأمثلة.
الثالث : دم حيوان مأكول اللحم:والقول فيه كما القول بدم الآدمي، فلادليل على نجاسة هذا الدم مثل دم الدجاج أو البقر أو الماعز أو غيرها مما نأكله.
ونريد أن نلفت أنظار الذين يحبون أن يشربوا دماء بعض الحيوانات إلى أن هذه الدماء محرمة و لايجوز بيعها أو شربها بحال. ونكتفي بهذا القدر ونسأل الله تعالى التوفيق والانتفاع بهذا العمل لنا ولسائر إخواننا المسلمين.
من المسائل المتعلقة بالنجاسات.
المسألة الأولى :
"هل قيء الآدمي نجس أم طاهر؟ ***
تكلمنا فيما سبق أكثر من مرة أن الأصل في الأشياء الطهارة إلا إذا جاء من الشرع ماينقلها عن الطهارة إلى النجاسة. وما ورد بخصوص نجاسة القيء غير صحيح، وهو حديث عمَّار: "إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والقيء والدم والمني" وهذا الحديث ضعيف! وإنما ثبت عن أبي الدرداء رضي الله عنه : "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فتوضأ" رواه أبو داود والترمذي وأحمد. وهذا الحديث ليس فيه نجاسة القيء، وإنما فيه جواز أن يتوضأ المسلم إذا تقيأ، لأن مجرد فعل النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يأمر فهو ليس دليلاً على وجوب الوضوء. ثم حتى إن كان الوضوء بعد القيء مستحبًا أو جائزًا فليس بدليل على نجاسة القيء إذ لا تلازم بين الوضوء من شيء والنجاسة لهذا الشيء. المسألة الثانية:
ما يعفى عنه من النجاسات: ***
اختلفت أقوال العلماء في القدر المعفو عنه من النجاسات، لكن لا دليل على واحد منها، والمسألة بحاجة لنص واضح لتحديد القدر.
لكنَّ مايضبط هذه المسألة هو: 1- الضرورة: وهي ما لا يتمكن معها المسلم من إزالة النجاسة بأي حجم كانت، وذلك كأن يكون ليس معه ثوب بخلاف ما يلبسه ثم أصابته نجاسة فليس عليه خلع الثوب إذا لم يتمكن من إزالة النجاسة. 2- عموم البلوى مع صعوبة الاحتراز من النجاسة : وكلمة "عموم البلوى" هذه بأن تكون هذه المشكلة مما يمثل ظاهرة وليس حالة فردية أو شيء لا يتكرر، وإنما يتكرر ومع أكثر من شخص. وهذا في حالة المريض الذي به سلس البول أو هو مريض وعلى سرير بمستشفى يصعب به تغيير ملابسه باستمرار، فهذا يصلي بملابسه هذه مع وجود النجاسة.
وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نتكلم بموضوع حيوي جدًا تشكو منه معظم النساء ألا وهو :
ما حكم الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة وما يُسَمَّى برطوبة فرج المرأة؟
" حكم الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة وما يسمى برطوبة فرج المرأة"
*****
للعلماء فيه قولان:
القول الأول: قال بعضهم إنه نجس لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل ما مسَّ الرجلَ من المرأة ثم يتوضأ ويصلي كما رواه البخاري ومسلم، ولكن الرد على هذا الاحتجاج أن هذا الحديث منسوخ (يعني تم إلغاء العمل به بسبب ورود أحاديث أخرى بعده تخالف هذا المعنى). واستدلوا كذلك على نجاسته بأنه خارج من أحد السبيلين ( يعني القُبُل و الدُّبُر وهما محل خروج البول والبراز )، والقاعدة أنَّ ما خرج من أحد السبيلين فهو نجس، ولكن الرد على هذا الاحتجاج بأن الأصل هو الطهارة ما يثبت عكسها بدليل.
القول الثاني: إن هذه الإفرازات طاهرة، وأدلتهم كما يلي:
- أن عائشة رضي الله عنها كانت تفرك المنيَّ من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ( وهذا من جِماع ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحتلم.
ومن المعلوم أن هذا المَنِيَّ يختلط برطوبة الفرج، ولو حكمنا برطوبة الفرج حكمنا بنجاسة مَنِيِّ المرأة، وبالضرورة سيصبح هذا الذي في ثوب النبي صلى الله عليه وسلم نجسًا، وليس الأمر كذلك، فصار على الطهارة الأصلية.
-إن هذه الإفرازات أمرُها واضح عند النساء، وهي مما تَعُمُ به البلوى ( أي أنها تصيب كثيرات منهنّ ) فلو كانت نجسة لأَمرَهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بغسلها ولم يكن يدعهنَّ يصلين في النجاسة.
- احتج هؤلاء العلماء على الطهارة أيضًا بأن مخرج هذه الإفرازات غير مخرج النجاسة من بول ومذي، فهي تخرج من الفرج الخارج منه الولد والذي يتم الجماع فيه وليس من مكان البول.
وخلاصة هذه المسألة :
إن كانت هذه الإفرازات تخرج من المرأة عند مداعبة زوجها إياها فهي تكون مَذيًا فهي حينئذ من النجاسات، وإن كانت تخرج عادةً فليست بنجسة.
و أرجو من الله تعالى أن ينفعنا و المسلمين بما يعلمنا.
[size=7] [/size] | |
|